لبنان يطلب من دول عربية تزويد جيشه بالأسلحة والمعدات لمواجهة

القادة الأمنيون والسياسيون ذهلوا من الإمكانات التي أظهرتها المنظمة



سحب دخان تتصاعد من مخيم نهر البارد خلال مواجهة بين الجيش وعناصر منظمة فتح الإسلام


كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ "الوطن" أمس أن لبنان قدم طلبات ذات صفة "عاجل جدا" إلى عدد من الدول العربية لتزويد الجيش اللبناني بأسلحة ومعدات عسكرية تحت شعار أن الجيش اللبناني في تجهيزه الحالي لا يستطيع مواجهة المنظمات الإرهابية كفتح الإسلام. وأشارت المصادر
إلى أن القادة الرسميين الأمنيين والسياسيين ذهلوا من الإمكانات التي أظهرتها منظمة فتح الإسلام في هجماتها على قوى الجيش خلال اليومين الماضيين، وبالتالي فإن الجيش بحاجة إلى الدعم الفعال والسريع ليتمكن من مواجهة فتح الإسلام أو أي تطورات أمنية أخرى.
وقد عاش لبنان أمس على هول الصدمة التي تسببت بها المواجهات بين الجيش اللبناني وفتح الإسلام وانفجار منطقة الأشرفية الذي أودى بحياة مواطنة وجرح 20 مدنيا منتصف ليل أول من أمس. وأثيرت أمس العديد من الأسئلة حول توقيت وأهداف اعتداءات فتح الإسلام على الجيش
اللبناني، وبدا الانقسام واضحا بين الموالاة والمعارضة في تحليلهما للأحداث وخلفيات ما يحصل. وقد سارعت الأكثرية إلى توجيه الاتهامات إلى النظام السوري بتحريك فتح الإسلام،رابطة بين تصريحات للرئيس السوري بشار الأسد وبين ضرب الوضع الأمني في لبنان، بينما حملت المعارضة السلطة السياسية مسؤولية ما يجري بسكوتها على تنامي ظاهرة فتح الإسلام وزج الجيش في مواجهة لم يعد لها بشكل جيد.
وألقت جهات معارضة بالمسؤولية على السلطات الرسمية مستغربة كيف تركز هذه السلطات على ملاحقة ومتابعة السلاح التابع للمقاومة بينما تسرح وتمرح منظمات كفتح الإسلام في نقل السلاح وتخزينه وتهريبه. وألقى الوزير السابق ميشال سماحة بالمسؤولية على الحكومة اللبنانية
والقيادة السياسية، وبرر ذلك بقوله"لان ما جرى نبه إليه وكتب عنه، ولم يتم اقتفاء آثار تمويل هؤلاء ولا توقيف هؤلاء في الوقت المناسب, وفتحت معركة مع فريق منهم دون أن تحتاط أمنيا لا بالنسبة للمواطنين ولا بالنسبة لانتشار الجيش."
ويقول رئيس تحرير صحيفة النهار اللبنانية إدمون صعب إن ما جرى هو من مسؤولية السلطة حيث تحرك وانتقل أعضاء فتح الإسلام من مخيم إلى آخر من دون اعتراض أو ممانعة . كما يحمل الفصائل الفلسطينية المسؤولية "التي أغمضت عينيها عن فتح الإسلام.".لكن مسؤولين فلسطينيين يقولون إنهم دقوا ناقوس الخطر مرات عدة وأبلغوا السلطات اللبنانية بخطورة فتح الإسلام وتنامي دورها في المخيمات من دون أن يلقوا جوابا واضحا أو إجراءات عملية للمعالجة.
في هذه الأثناء فشل اتفاق تم أمس على هدنة لمدة محدودة في مخيم نهر البارد لإجلاء القتلى والجرحى من داخله. ولم يتمكن الصليب الأحمر الدولي من إخلاء القتلى والجرحى الذين يبلغ عددهم 30 قتيلا و90 جريحا وفق معلومات أولية للوكالة الوطنية للإعلام. وكان الجيش
اللبناني قد واصل عملياته العسكرية ضد مواقع فتح الإسلام على أطراف مخيم نهر البارد وقصف بعض مواقعه في الداخل. وفيما سيطرت قوى الجيش على جميع المداخل والتلال المشرفة على المخيم قام مسلحو المنظمة الإسلامية بفتح نيرانهم على قوى الجيش وجرت معارك من مسافات بعيدة. وقد ركز الجيش آلياته ودباباته العسكرية ونفذ عملية انتشار واسعة للجنود الذين استقدموا من ألوية عدة. كما أعاد تموضع آلياته وعناصره عند حاجز المحمرة الذي كانت عناصر "فتح-الإسلام" قد استهدفته في أولى عملياتها على الجيش فجر الأحد.
وفي محصلة المواجهات قالت مصادر أمنية وطبية إن عدد الضحايا بلغ 55 شخصا بينهم 27 شهيدا من الجيش اللبناني. وعلم أن عدد الجرحى ارتفع بشكل كبير في المستوصفات الصحية داخل المخيم، كما أن عدد القتلى في صفوف حركة "فتح-الإسلام" قد ارتفع بشكل كبير دون التمكن من تحديد عددهم. وعلمت "الوطن" أن قوى الجيش ألقت القبض على عدد غير محدد من أعضاء فتح الإسلام كانوا قد فروا خلال الاشتباكات.
ووقعت معارك ضارية عند مداخل مخيم نهر البارد منذ السابعة من مساء أمس وخصوصا عند مدخل المخيم باتجاه منطقة العبدة حيث سقط عدد كبير من الجرحى بعضهم إصابته خطيرة.
واستعملت في المواجهات كافة أنواع الأسلحة المدفعية والصاروخية. ونفت مصادر رسمية قيام الجيش بقصف الأحياء السكنية في داخل المخيم مشيرة إلى أن الجيش يركز على المواقع العسكرية التابعة لفتح الإسلام.
وأكد وزير الدفاع إلياس المر "أن الجيش وقوى الأمن الداخلي وسائر الإدارات الأمنية تعمل يدا واحدة في الدفاع عن أمن لبنان وسيادته واستقراره وأن التنسيق بينها يجري على أكمل وجه".
سياسيا أبلغ رئيس الحكومة فؤاد السنيورة رئيس المكتب السياسي لـحركة حماس خالد مشعل في اتصال هاتفي معه أمس أن "الدولة اللبنانية لن تسكت إطلاقا على الاعتداء الذي تعرض له الجيش من قبل منظمة "فتح الإسلام"، وهي قد أعطت التعليمات للجيش للتصرف بحزم وقوة لا تلين مع هذه المنظمة الإرهابية، فهيبة الجيش وسمعة مؤسساته واستقرار الأمن اللبناني مسألة لن يتم التهاون فيها".
كما أبلغ الرئيس السنيورة مشعل بنقاط البحث التي تمت مع الفصائل الفلسطينية في الاجتماع الصباحي، وأوضح الرئيس السنيورة أن مطلب الحكومة اللبنانية من الفصائل الفلسطينية تجاه منظمة "فتح الإسلام" واضح وهو التبرؤ والإدانة ومعاونة السلطة الشرعية والقوى الأمنية
اللبنانية لمعالجة ظاهرة هذه المنظمة. وكان اتفاق على التعاون واستمرار التشاور في هذا الإطار.
وطالب رئيس الجمهورية العماد إميل لحود القيادات اللبنانية على اختلاف انتماءاتها بموقف وطني جامع لإنقاذ لبنان مما يخطط له من مؤامرة.
من جهته أكد رئيس كتلة "المستقبل" النيابية النائب سعد الحريري "أن لبنان يواجه مخططا تخريبيا مكشوفا، تنفذه أدوات معروفة تعمل على نشر القتل والفوضى واستهداف المواطنين اللبنانيين الأبرياء ومؤسسات الدولة".
وأكد الحريري تعليقا على انفجار الأشرفية أنه سيقف "في مواجهة الهجمة الإجرامية ومشاريع التهويل على اللبنانيين.
وأوضح رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في مقال له ينشر اليوم أنه "لا يمكن فصل الأحداث التي افتعلتها ما يسمى مجموعة "فتح الإسلام" عن كل مسلسل التطورات السياسية المتلاحقة منذ أشهر" وقال:" لقد وصلوا إلى الأفق المسدود بعد وصول المحكمة إلى مجلس
الأمن لتقر وفقا للفصل السابع. ومن هنا برز ما يسمى "فتح الإسلام". ألم يسبق أن هدد حليفهم السوري بتخريب لبنان وإشعاله؟ هل آن الأوان لترجمة هذه التهديدات من خلال استهدافات أمنية متنوعة ليس "فتح الإسلام" سوى أحد تجلياتها؟
من الناحية الفلسطينية بذلت الفصائل الفلسطينية وحركة حماس أمس جهودا واسعة لوقف النار في مخيم نهر البارد واجتمع مسؤولو الأطراف الفلسطينية برئيس الحكومة والنائب سعد الحريري كما زاروا عددا من المرجعيات السياسية. وأكد ممثل منظمة التحرير في لبنان عباس زكي
بعد لقائه رئيس الحكومة "التعاون المشترك مع الجيش اللبناني والدولة اللبنانية في معالجة ظاهرة فتح الإسلام بما يخفف من معاناة شعبنا الفلسطيني، خصوصا في مخيم نهر البارد الذي يتعرض إلى قصف، وفيه مجموعة من الجرحى والشهداء التي تحتاج إلى إخلاء". وأوضح أن
" الكل يدرك، أنه غير معني بهذه الظاهرة التي هبطت اضطراريا لا نعرف شكلها ولا لونها ولا انتماءها، وبالتالي يجب ألا يدفع الشعب الفلسطيني ضريبة هذا العمل المرتجل بما يسمى بظاهرة "فتح الإسلام".
وحول موقف الفلسطينيين من دخول الجيش اللبناني إلى داخل المخيم للقضاء على ما يسمى "بفتح الإسلام" قال:"هذا القرار هو لبناني، ولمسنا من دولة الرئيس أنه يحرص على ألا يذهب أبرياء، والدخول
إلى المخيم لا يعني أن هناك أمرا سهلا في التخلص من هذه الظاهرة".
وأوضح أنه مستعد" للتعاون المشترك لإنهاء هذه الظاهرة شرط أن لا تكون تكلفتها عالية جدا على الأبرياء الفلسطينيين".